استراتيجيات السلامة المهنية الاستباقية

إنه وضع محزن، ولكنه للأسف واقعي، أن بعض المنشآت تبنت منهج سلامة وصحة يؤكد الاستراتيجية التفاعلية، فهذا المنهج يفترض أن الحوادث شيء يقع ولا يمكن فعل شيء حيال ذلك. وبالتالي؛ فإن المنشأة تركز جهودها للتفاعل مح الحوادث بعد وقوعها. وهذا الرد التفاعلي يحدث بعد وقوع الاصابة أو المرض بهدف تقليل التكاليف المترتبة على أي منهما.

برامج السلامة التفاعلية دائما تكلف أكثر بكثير من البرامج الاستباقية، لأنها لا تُنفذ إلا بعد أن تحدث الاصابة أو المرض. وعندما تؤكد المنشأة اتباعها لمنهج السلامة والصحة التفاعلي فإنها ترسل لموظفيها رسالتين سلبيتين، الأولى: أننا لا نهتم بكم، والأخرى: همنا الأول هو المال وليس سلامتكم.

إدارة المنشأة الناجحة الذكية لا تستجيب للسلامة المهنية، تتبنى الاستراتيجية الاستباقية للسلامة فتؤكد الوقاية وذلك بعمل كل ما يمكن لتجنب وقوع الحوادث في مكان العمل، ولايوجد أعذار لأي حادث، فالاستجابة الاستباقية للسلامة والصحة في مكان العمل لا تحدث قبل وقوع الحادث فحسب بل تتوقع حدوثه وتحاول تجنبه.

وبتأكيدها على تجنب وقوع الحوادث؛ ترسل الادارة العليا للمنشأة رسالة تبين الاهتمام بسلامة كل العاملين والمقاولين والزوار. فالاستراتيجيات الاستباقية دائما أقل تكلفة من الاستراتيجيات التفاعلية لأن المنشأة تنفذ استثمارات يُتوقع منها عائدات ضخمة، كونها تُطبَّق لمنع وقوع الاصابات والأمراض، حيث تهتم الإدارة بكيفية ربط أفكار فريق السلامة بأرباح المنشأة، أي ما الذي ستجنيه المنشأة مقابل المال الذي ستنفقه؟ من المهم جدا إدراك أن إدارة البرامج بالأساس مهمة إدارية تتطلب مهارة تنظيمية فعّالة. والعديد من المنشآت تطور وتُطبق برامج تقدير شكلية للسلامة، لأنه جرى إخبارهم بأن هذه هي أفضل الطرق وأن هذا ما يفعله الجميع. علما بأن هناك أنواعا متعددة من برامج استراتيجيات تقدير السلامة تُستخدَم ويُروج لها، وبالطبع بعضها أكثر فاعلية من الآخر ولكن بشكل مؤكد لا يوجد برنامج يناسب الجميع.

لكي يكون برنامج التقدير ناجحا يجب ان يتوافق مع ثقافة المنشأة،حيث تتبني السلامة «السلامة فقط» بالتأكيد على فكرة ان تنتج بجد وبسرعة بقدر ما تستطيع طالما أنك تؤدي ذلك بسلامة. الإنتاجية العالية مرغوبة ولكن إذا اُكتشف وجود خطورة أو ممارسة ممكن أن تؤدي الى أذى جسدي خطير أو وفاة، يجب أن يُصحح فورا حتى وان أدى الى إيقاف الانتاج، هذا هو الالتزام بالسلامة.

إن حصول الشركات العربية اليوم على جوائز وشهادات في مجال السلامة والصحة المهنية، ما هو إلا أحد مؤشرات النجاح بتطبيق شروط ومعايير السلامة والصحة المهنية، ومن خلال التزام إدارتها بالتحسين المستمر فإنها حتما تسعى للحصول على أفضل الجوائز العالمية في القريب العاجل.

إن إجراءات وممارسات والتزام إدارة المنشأة بتبني أنظمة إدارة سلامة وصحة مهنية تعتمد على تحديد وتقييم المخاطر المهنية وتطبيق طرق السيطرة عليها والتدريب الأمثل بالسلامة لجميع المخاطر وفئات العاملين والاستعداد لمواجهة الحالات الطارئة، يؤدي إلى زيادة تحفيز العاملين وزيادة مشاركتهم في الحد من خسائر الإنتاج والعمل بسبب الحوادث والأمراض المهنية، وخفض التكاليف وزيادة الإنتاجية والامتثال للتشريعات المحلية،خير دليل على قدرة وكفاءة الإدارات العربية على المنافسة والتميز.